هل يشفى مريض جلطة الدماغ؟ سؤال يدور في أذهان المرضى الذين عانوا ويلات تلك الجلطة، والتي أثّرت في حياتهم وفي قدرتهم على أداء أنشطتهم اليومية التي كانت سهلة في السابق، فإذا كان الشفاء من جلطة الدماغ ممكنًا، فما هي علامات الشفاء؟ ثُمّ هل يعود الانسان طبيعي بعد الجلطة؟
هل يشفى مريض جلطة الدماغ؟
نعم، قد يُشفَى مريض جلطة الدماغ، لكن ذلك يحدث على مرحلتين؛ الأولى يُقدِّم فيها الأطباء علاجًا مُعيّنًا لاستعادة تدفُّق الدم الطبيعي في الدماغ، والثانية بعد نجاح ذلك، يُشارِك المريض في إعادة التأهيل لعلاج الآثار الصحية الناجمة عن جلطة الدماغ.
ربما من المُستحِيل استعادة أنسجة المخ التالفة، لكن إعادة التأهيل تُساعِد في تعليم الأجزاء السليمة من الدماغ كيفية تعويض وظائف المناطق التالفة.
العلاج الأولي والشفاء من جلطة الدماغ
تحدث جلطة الدماغ بسبب انقطاع تدفُّق الدم نتيجة انسداد أحد الشرايين، ويُركِّز الطبيب في تلك الحالة على إذابة جلطة الدم ومنع تشكُّل جلطات جديدة، وذلك من خلال الأدوية أو عبر تدخل جراحي، حسب ما تقتضيه حالة المريض.
وكُلَّما تلقى المريض العلاج الأوَّلي بسرعة، كان ذلك أفضل في الشفاء ومنع تلف المزيد من أنسجة الدماغ.
الشفاء من آثار السكتة الدماغية
تختلف الآثار الناجمة عن جلطة الدماغ، حسب منطقة الدماغ المُصابة وغيرها من العوامل، فقد تكون تلك الآثار حركية؛ أي مرتبطة بقدرة المريض على الحركة أو تحريك بعض أجزاء الجسم، أو حسِّية أو إدراكية، ويُمكِن أن تُؤثِّر بدرجةٍ كبيرةٍ في طريقة عيش المريض حياته اليومية.
إذًا هل يشفى مريض جلطة الدماغ من آثارها؟ تُساعِد إعادة التأهيل المرضى في استعادة الوظائف التي تضرَّرت بفِعل جلطة الدماغ، وذلك مع الاستمرار في برنامج إعادة تأهيل مُكثَّف طويل الأجل، فيُمكِن للمريض بلوغ الشفاء الجُزئي أو حتى الشفاء الكامل.
وعلى الرغم من أنَّه لا يُمكِن استعادة خلايا الدماغ الميتة، لكن لا يزال بإمكان الدماغ تعويض المناطق المتضررة منها عبر إعادة توصيل المسارات العصبية، وهذه العملية تتحسَّن باستمرار مع برامج إعادة التأهيل.
هل يعود الانسان طبيعي بعد الجلطة؟ | هل مريض الجلطه يرجع طبيعي؟
قد يتماثل بعض الناس إلى الشفاء التام بعد جلطة الدماغ، لكن قد يُعانِي غيرهم إعاقات مدى الحياة أو على الأمد الطويل، وقد تتحسَّن مع التزام برامج إعادة التأهيل.
ما هي علامات الشفاء من جلطة الدماغ؟
بعد أن علمت هل يشفى مريض جلطة الدماغ أم لا، فإنَّ للتماثل إلى الشفاء سمات وعلامات، أبرزها:
1. سُرعة تحسُّن المريض في أول 3 أشهر
تختلف مدة التعافي عمومًا من مريضٍ لآخر، لكن أغلب الناجين من جلطة الدماغ يُلاحظون تحسُّنًا كبيرًا خلال الثلاثة أشهر الأولى من التعافي، ثُمّ يتباطأ التحسُّن بعد ذلك.
وطالما استمرَّ المريض في برنامج إعادة التأهيل، فسيستمر تحسُّن حالته لكن بوتيرة أبطأ، وهذا التباطؤ ليس علامة سيئة، بل هو دليل على التعافي من جلطة الدماغ، وهذه وتيرته الطبيعية.
2. استقلال المريض بأداء أنشطته اليومية
ليس استقلالًا تامًا ولا فجأة يجد نفسه قادرًا على القيام بكل شيء، بل تدريجيًا، وفي بعض المهمات دون الأخرى، حسب حالة المريض ومدى تحسُّنه، فمثلًا قد لا يعتمد المريض على الآخرين في الأكل أو الاستحمام، ويظل بحاجة إلى مساعدة في ارتداء الملابس، أو يستقل بتلك المهمة أيضًا لكن في وقت لاحق.
هذا نسبي يختلف من مريضٍ لآخر حسب حالته ومدى التزامه برامج التأهيل الموضوعة له من قِبل المُختصين.
3. التعب أو النعاس
نعم، هي كما قرأتها، فالنعاس الشديد من الأمور الشائعة بعد جلطة الدماغ، فالشفاء يستهلك طاقة الجسم، وهذا ما يجعل المريض يتوق إلى النوم أكثر بكثيرٍ من ذي قبل.
فالنوم يُوفِّر للدماغ الوقت اللازم للتعافي، وعندما تتعافى الدماغ بعد الجلطة، قد تشعر بالإرهاق سريعًا، وهذه علامة جيدة على التعافي، لأنَّها تعني أنَّ الدماغ يعمل بجد ويحتاج إلى الراحة للتعافي.
4. ارتعاش العضلات
قد يكون ارتعاش العضلات من علامات الشفاء بعد السكتة الدماغية، فهي تُشِير إلى تحسُّن ملحوظ في العضلات، إذ غالبًا ما تكون العضلات مُتيبَّسة بعد جلطة الدماغ، بينما لا يستطيع الدماغ التواصل بشكل صحيح مع العضلات نتيجة الجلطة.
ومع تحسُّن حالة المريض وزوال ذلك التيبُّس، قد تبدأ العضلات في الارتعاش، ما يُعطِي مؤشرًا على تماثل المريض إلى الشفاء.
طريقة نوم مريض الجلطة الدماغية
يُعانِي ما يقرب من 20 – 40% من مرضى الجلطة الدماغية اضطرابات النوم بين أرق طوال الليل، وكثرة النوم بالنهار، لذلك يحتاج مريض الجلطة الدماغية إلى بعض النصائح للنوم جيدًا:
- الذهاب إلى السرير في نفس الوقت كل يوم.
- تجنُّب استخدام الهواتف أو الأجهزة الإلكترونية قبل النوم.
- النوم في غرفة هادئة مظلمة.
- تجنُّب التوتر وممارسة تمارين التنفس أو قراءة كتاب أو ممارسة أي نشاط يُساعِد المريض على الاسترخاء.
سلوك مريض الجلطة الدماغية
قد يتغيَّر سلوك المريض بعد الجلطة الدماغية، فهي حدث مُفاجئ وصادم، يُثِير مشاعر المريض، ومِنْ ثَمَّ فقد يشعر المريض باللا مبالاة أو يفقد شغفه تجاه الأنشطة التي اعتادها من قبل، أو ربَّما يكون غاضبًا وعدوانيًا معظم الوقت.
لكن هل يشفى مريض جلطة الدماغ من تلك السلوكيات؟ نعم، قد يُشفى منها المريض أيضًا مع التزام برامج التأهيل، ورِفق أسرته به في التعامل معه والصبر عليه.
كم يعيش المريض بعد الجلطة الدماغية | متى يموت مريض الجلطة الدماغية؟
هل يشفى مريض جلطة الدماغ لكبار السن؟ تختلف المُدة المُتوقّعة لحياة المريض بعد الجلطة الدماغية، حسب عِدًّة عوامل، منها:
- عُمر المريض.
- الحالة الصحية.
- شِدّة الجلطة التي أصابته.
وقد وجدت دراسةٌ سويدية أُجريت عام 2021 أنّ حوالي 66% من الأشخاص الذين أُصِيبوا بجلطة دماغية لأول مرة عاشوا أكثر من 3 سنوات بعدها.
لكن الذين أُصِيبوا بجلطة دماغية وهم يُعانُون أمراض القلب في نفس الوقت، فقد كانوا أكثر عُرضة للوفاة قبل انقضاء 3 سنوات.
وتُظهِر الإحصائيات أنَّ العمر عامل مهم في البقاء على قيد الحياة على المدى الطويل، فالأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 85 عامًا أو أكثر لديهم مُعدّل وفيات أعلى، بل إنَّ خطر الوفاة يتضاعف 13 مرة مقارنةً مع من تتراوح أعمارهم بين 65 – 74 عامًا.
متى يزول الخطر عن مريض الجلطة الدماغية؟
قد يزول الخطر عن مريض الجلطة الدماغية مع التزام تعليمات الطبيب واتباع أساليب الوقاية، والالتزام بالعلاج بالطبع، وهذا مهم للغاية، لأنَّ واحدًا من كل 4 ناجين من السكتة الدماغية قد يُصاب بواحدة أخرى خلال السنوات الخمس التالية للإصابة الأولى.
الخلاصة
هل يشفى مريض جلطة الدماغ؟ نعم، قد يُشفى مريض جلطة الدماغ مع تلقِّي العلاج المناسب في أسرع وقت ممكن، والتزام برامج التأهيل التي يضعها له الأطباء، ومن علامات تماثل المريض إلى الشفاء، سُرعة التحسُّن الملحوظة في الثلاثة أشهر الأولى، حتى لو تباطأ مُعدَّل التحسُّن بعد ذلك.
وأيضًا كثرة النوم بالنهار من علامات التماثل إلى الشفاء، لأنَّ الجسم يستهلك طاقة في عملية الشفاء تلك، ويُمكِن للمريض أن يعيش أطول وقت ممكن بعد الجلطة الدماغية، باتباع أساليب الوقاية التي يُوصِيه بها الأطباء، للتمتُّع بحياة صحية خالية من الأمراض.
